نوعية المياه - غزة | سلطة المياه
تاريخ النشر: 2018/01/22

نوعية المياه - غزة

تتغير ملوحة المياه الجوفية في الاتجاهين الأفقي والرأسي ، حيث يلاحظ أن تركيز عنصر الكلوريد كمؤشر للملوحة يترواح أفقيا على امتداد مساحة قطاع ما بين أقل من 100 ملجم /لتر في المناطق الغربيية من قطاع غزة حيث تتواجد الكثبان الرملية والمسببة أصلا لتكون هذا النوع من المياه العذبة كون أن مياه الأمطار  تتسرب وترشح بسهولة من خلال الكثبان الرملية والصخور ذات المسامية العالية وكذلك لكون أن سماكة الطبقات غير المشبعة العليا قليلة نسبيا ( عدة أمتار إلى حوالي 35مترا).

ويلاحظ أن معظم المياه العذبة ذات الملوحة القليلة تتركز بصورة كبيرة في المناطق الغريبة من محافظتي غزة ( معسكر الشاطئ) ومحافظة الشمال(غرب جباليا وبيت لاهيا) وكذلك في المناطق الغربية لمحافظة خانيونس (حي الأمل والمواصي). ويتراوح سمك الطبقات الحاملة  لهذا النوع من المياه ما بين عدة أمتار إلى ما يقرب من 15 مترا في الوقت  الحالي علما بأنها في تناقص وتدهور مستمرسواء كان من حيث السمك أو من حيث النوعية  ، وتزداد الملوحة مع العمق لتصل إلى ما يقرب من 2000ملجم/لتر في الطبقات السفلى وبعمق يصل إلى 40 مترا وخاصة في المناطق الغربية من محافطتي الشمال وغزة أما في المناطق الشرقية فلا تتوفر أصلا المياه العذبة ذات الملوحة القليلة لعدم وجود الكثبان الرملية ولعدم وجود فرص كبيرة لتغذية المياه الجوفية من مياه الأمطار كون أن الطبقات العلبا غيرمشبعة سميكة وذات نفاذية قليلة لوجود طبقات من الطين والسلت التي تعيق تسرب المياه السطحية .

أما في المنطقة الوسطى من قطاع غزة فإن طبيعة الخزان الجوفي شبه مالحة حيث يتراوح تركيز الكلوريد بصورة عامة ما بين 1000-3000 ملجم/لتر كون أن طبيعة الطبقات المائية ذات نفاذية قليلة مع بطئ في معدل سريان المياه الجوفية وتصل الى درجة الركود في الناحية الغربية من دير البلح مرتفع ليصل تركيز عنصر الكلوريد إلى أكثرمن 1000 ملجم/اتر.

وتجدر الإشارة أن ملوحة ونوعية المياه الجوفية في قطاع غزة في تدهور مستمر نتيجة عدم التوازن بين كمية المياه الجوفية المتجددة طبيعيا والمقدرة بحوالي 55 مليون متر مكعب وكمية المياه التي يتم انتاجها من الخزان الساحلي للأغراض المختلفة والمتعددة بحوالي 170 مليون متر مكعب لعام 2010 . منها حوالي 90 مليون للأغراض المنزلية وما يقرب من 80 مليون  متر مكعب للزراعة .

 ونتيجة لعدم التوافق هذا في الموازنة المائية فإن هناك عجز سنوي في المخزون المائي الجوفي قدر بحوالي 100 مليون متر مكعب /العام فقد انخفض مستوى المياه الجوفية إلى معدلات كبيرة وخطيرة هيدروجيولجيا، حيث وصل الهبوط في المناطق الشمالية من قطاع غزة 5-6 متر تحت سطح البحر، إلى حوالي 10 متر تحت سطح البحر في منطقة رفح، مما أدى معه إلى اندفاع المياه الأكثر ملوحة من الطبقات المائية السفلى إلى أعلى و وتداخل مياه  البحر الى مناطق واسعة من اليابسة مما أدى معه إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية وتدهو نوعيتها بصورة كبيرة خاصة في السنوت العشرة الأخيرة  ، حيث لوحظ تأثير مياه البحر على الخزان الجوفي حتى مسافة ما يقرب من 2-3 كم. 

 وبالنظر إلى عرض قطاع غزة 6-12 كم فإن ذلك يعني 1/3 – 1/6 من الخزان الجوفي قد تأثر  بتداخل مياه البحر  ، ناهيك من التدهور الحاصل في المناطق الوسطى والشرقية من قطاع غزةنتيجة لاندفاع المياه المالحة السفلى إلى المياه الجوفية العليا الأقل ملوحة .وكما هو مبين بالخرائط الكنتورية  فإن هناك تدهور واضح فى نوعية المياه الجوفية خلال السنوات العشر الأخيرة (2000-2010) وفى حال الاستمرار فى الاعتماد على المياه الجوفية كمصدر وحيد لتلبية الحد الادنى من الاحتياجات المائية المستقبلية للاغراض المختلفة فان ملوحة المياه الجوفية المنتجة ستصل الى معدلات كبيرة جدا يصعب معها استخدامها لأي من الأغراض المختلفة.  حيث من المتوقع أن يصل تركيز الكلوريد في المياه الجوفية المنتجة بحلول عام 2020 الى معدلات عالية تتراوح ما بين 600-3000 ملجم/لتر مقارنة بالنوعية المنتجة حاليا 250-1000 ملجم/لتر ، بمعنى اّخر أن معظم ان لم تكن جميع المياه المنتجة ستكون غير صالحة للاستخدام سواء كانت للشرب أو للزراعة مما سيكون لذلك بالغ الأثر على الوضع الاقتصادى والاجتماعي لسكان قطاع غزة وعدم الجدوى من الاستمرار فى تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المائية الجاري تخطيطها والخاصة باعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة للزراعة كون انها ستتميز بملوحة عالية لا تتناسب والاغراض الزراعية.

إن تغير أو بمعنى آخر تزايد ملوحة المياه الجوفية المنتجة مع الوقت يختلف من مكان إلى آخر اعتبارا لعدة أسباب من أهمها، موقع البئر، معدل انتاج المياه، عمق البئر، فترة الضخ. وبصورة عامة فإن هناك عدة أنماط لهذه الزيادة حيث يلاحظ أن الآبار القريبة من الساحل وعلى امتداد ما يقرب من 2000 متر من الشاطئ قد تأثرت بصورة كبيرة بظاهرة زيادة الملوحة  ، وكان معدل زيادة الملوحة فى هذه الابار ممثلا بتركيز عنصر الكلوريد ملحوظا لدرجة عكس معها تأثرها الكبير بتداخل مياه البحر . حيث كان تركيز الكلوريد في بداية الضخ عام 1980 حوالي 250ملجم/لتر وبحلول عام عام 2010 ارتفع الى حوالي 10000 ملجم/لتر وهذه الظاهرة من التزايد تنطبق على العديد من ابار المياه الجوفية المحيطة والقريبة من الشريط الساحلي في كل من المناطق الشمالية والجنوبية من قطاع غزة.

علما بان معدلات الزيادة ونمطها ضمن هذه الظاهرة تختلف من بئر الى اخر ومن موقع الى اخر اعتمادا على عمق الطبقات المائية المستغلة وهذا من انعكس جليا في البئرين )ٌٌR/162LA R/162LB) اللذان يقعان في نفس الموقع ويبعدان عن بعضهما ما يقرب من عشرين مترا والفرق الوحيد ان احدهما اعlق من الاخر بحوالي 15مترا مما انعكس على نمط ومعدل تملح البئر، فالبئر رقم (R/162LA) الاكثر عمقا وصل تركيز الكلوريد فيه الى4000 ملجم/ لتر بينما البئر الأقل عمقا وصل الى حوالي 1250 ملجم/لتر ،   وهذه الظاهرة العاكسة لتداخل مياه البحر سجلت في العديد من الابار المحاذية على طول شاطئ البحر من أقصى شمال قطاع غزة الى جنوبة مع تباين فى معدلات تركيز وتزايد ملوحته. علما بأن الابار الاكثر قربا من البحر سجلت معدلات عالية من تركيز الاملاح رغم ضحالة أعماقها مقارنة بالابار الواقع على مسافات أبعد شرقا. 

أما النمط الثاني من تغير الملوحة مع الزمن فيلاحظ في الابار الواقعة على طول الشريط الحدودي الشرقي لقطاع غزة و المتميزة  بارتفاع يسيط في ملوحة المياه الجوفية المنتجة مع الزمن علما بان  ملوحة هذا النوع من الابار مرتفعة منذ البدء في الضخ عاكسة طبيعة الخزانات الجوفية ذو الملوحة المرتفعة في تلك المناطق واستمرار زيادتها ولكن بمعدلات قليلة نسبيا مع الوقت نتيجة لانسياب المياه الاكثر ملوحة من الاتجاه الشرقي 

أما النمط الثالث لتغير الملوحة مع الوقت فقد انعكس ذلك في المناطق الوسطى من المحافظة الشمالية كنتاج للسماكة المرتفعة نسبيا للطبقات المشبعة بالمياه 100 متر واحتواها على مياه جوفية عذبة مع وجود فرصة كبيرة لاستمرار ثبات تركيز الكلوريد مع الزمن للسنوات القادمة ، علما بأن تركيز الكلوريد في تلك المناطق يعتمد على العمق المستغل للطبقات الحاملة للمياه وبصورة عامة فإن تركيز الكلوريد يتراوح ما بين 200 الى 500 ملجم/ لتر في الابار المخترقة لحوالي 20 الى 40 متر من الطبقات العليا الحاملة للمياه.

أما النمط الرابع فيعكس ظاهرة اندفاع المياه االاكثر ملوحة من الطبقات السفلى الى الطبقات المائية اعلاها والمستغلة من ابار المياه الجوفية، وذلك بسبب انخفاض منسوب المياه الجوفية بمعدلات عالية نتيجة للضخ الزائد عن القدرة الانتاجية والمتجددة للخزان الجوفي. 

كون ان المياه الجوفية هي المصدر الاساسي والوحيد لتلبية الاحتياجات المائية للاغراض المختلفة , وحال استمرار الاعتماد عليه بمعدلات الضخ ااحالية فانه من المتوقع ان تتدهور نوعية المياه الجوفية الى درجة كبيرة يصعب معها تلبية هذه الاحتياجات مستقبلا وفى المدى المنظور حيث سيصل تركيز عنصر الكلوريد عام 2020 الى حوالي 600 – 3000 ملجم/لتر كمعدل عام  لنوعية المياه المنتجة من الأبار، وبمقارنة هذا التركيز مع نوعية المياه الجوفية المنتجة حاليا والمقدرة بحوالى 250-1000 ملجم/لتر يلاحظ جليا بأن ملوحة المياه ستتضاعف مرتين أو ثلاث مرات بعد عشرة أعوام من تاريخه.  علما بان معدلات زيادة الملوحة ستتسارع بدرجة كبيرة مع الزمن وان تأثير تداخل مياه البحر على المياه الجوفية سيغطي اجزاء كبيرة من قطاع غزة مما سينتج عنه اغلاق العديد من ابار البلديات المنتجة وعدم القدرة على توفير المياه اللازمة للزراعة كون أن ملوحة المياه الجوفية لن تتوافق مع متطلبات معظم المحاصيل الزراعية وسيقتصر توافقها مع عدد قليل من المحاصيل الزراعية التى تتحمل الملوحة العالية.  بالاضافة الى ذلك فان مياه الصرف الصحي المعالجة ستزداد ملوحتها  في حينه كانعكاس للمياه المستخدمة في المنازل مما سيكون لها تأثير سلبى كبير على الخطط والمشاريع المستقبلية المزمع تنفيذها ضمن رؤية سلطة المياه الفلسطينية فى ادارة مصادر المياه وخاصة وأن اعادة استخدام مياه الصرف الصحي سواء كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة من العناصر الاساسية فى التخطيط الاسترايجي في قطاع المياه في فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة.  

إن التدهور في نوعية المياه مازال مستمر وذلك يرجع إلى أن كمية المياه التي ترشح الى الخزان الساحلي من مياه الأمطار أقل بكثير من المياه التي يتم ضخها من هذا الخزان، فنجد أن تركيز الكلوريد وصل الى معدلات كبيرة جداًحيث وصل إلى أكثر من 2000 ملغم/لتر في بعض الآبار وخاصة القريبة من الشريط الساحلي نظراً لتداخل مياه البحر مع الطبقات الحاملة للمياه من الخزان الجوفي. 

لذلك نجد أن 20% من آبار مياه الشرب (البلديات) مقبولة وضمن المعايير الموصى بها من منظمة الصحة العالمية (250 ملغم/لتر)، في المقابلعند الحديث عن مركبالنترات نجد أن 14% فقط من آبار البلديات مقبولة ضمن المسموح به عالمياً (50 ملغم/لتر)،

بشكل عام وشمولي عند الحديث عن تركيز الكلوريد والنترات مجتمعين نجد أن 4% فقط من آبار البلديات في قطاع غزة ضمن المسموح به بحسب منظمة الصحة العالمية، وهذه الأرقام تشير إلى أن قطاع غزة يعاني من كارثة على صعيد نوعية المياه.


جميع الحقوق محفوظة © سلطة المياه الفلسطينية 2024