حمّلت سلطة المياه في بيان لها اليوم الحكومة الإسرائيلية، جميع تبعات العدوان الغاشم على غزة، والذي أوقع ما يزيد عن 180 شهيداً، وما تجاوز 1200 جريحا من أهلنا في القطاع، وخلّف دمارا هائلا. واعتبر البيان أنّ استهداف وتدمير البنية التحتية يأتي ضمن سياسة الاحتلال في تدمير مقومات الحياة في غزة، وهي جريمة حرب خطيرة تُضاف إلى سجل جرائم الاحتلال.
هذا وأعربت سلطة المياه عن قلقها البالغ جراء النقص الحاد في تزويد المياه لسكان قطاع غزة في هذه الفترة الصعبة، والمقدر حتى تاريخه بحوالي 40%، والذي سيتفاقم مع استمرار العدوان الإسرائيلي، والناجم عن استهداف الاحتلال للمرافق المائية بشكل مباشر أو غير مباشر، وتدميره للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، خصوصاً في ظل تزامن هذا العدوان مع جائحة كورونا والتي كانت ولا تزال تزيد من أعباء القطاع الصحي في غزة، وتتطلب مزيداً من الجهود لتوفير المتطلبات الأساسية وعلى رأسها المياه باعتبارها الركن الأساسي في الإجراءات الوقائية والصحية لمواجهة انتشار الفيروس.
وأشار البيان إلى حجم استهداف المنشآت والبنية التحتية للمياه حتى تاريخه، حيث تم رصد توقف عدد كبير من الآبار الرئيسية بسبب الدمار الكبير لخطوط المياه الرئيسية، وقطع خطوط الكهرباء المغذية لها، وقصف خط المياه الرئيسي المغذي لمدينة غزة من خزان المنطار، وتعطل تشغيل غالبية آبار المياه في معظم محافظات القطاع.
كما أوضح البيان أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أثر بشكل خطير على البنية التحتية للصرف الصحي، مما أدى إلى توقف تشغيل محطة المعالجة في شمال غزة نتيجة لاستهداف خط الصرف الصحي الرئيسي، والذي تم على إثره تحويل المياه العادمة إلى الأحواض العشوائية بجوار محطة مجاري بيت لاهيا القديمة، الأمر الذي بات يهدد بغرق أكثر من 10 آلاف مواطن يقطنون في شرق بيت لاهيا وجنوب أم النصر.
وأفاد البيان أنه تم تدمير جزء من خط المجاري الرئيسي في خانيونس، مما أدى إلى اعادة تدفق مياه الصرف الصحي إلى البحر، وتلوث مياهه بشكل كبير. علماً أنه حالياً يتم تشغيل محطات المعالجة عن بعد في كل من خانيونس، وشرق البريج، والتي سيتوقف أيضاً العمل بها تماماً خلال الأيام القليلة القادمة جراء وقف ضح مياه الصرف الصحي لها، نتيجة الأضرار الكبيرة لتي لحقت بالخطوط والمضخات التابعة لهذه المحطات، وخصوصاً مع استمرار عدم القدرة على إصلاحها.
وأوضح البيان أن الطواقم الفنية تواجه معيقات للقيام بأعمال الصيانة اللازمة لهذه المحطات، ولمختلف المرافق المائية، جراء صعوبة الوصول إليها، وتعذر الصليب الأحمر عن المساعدة في نقل طواقم الصيانة بسبب رفض الجانب الإسرائيلي إعطاء أي تنسيق للعمل في هذه الأماكن المستهدفة.
وحذّرت سلطة المياه في بيانها، أن هذا العدوان الإسرائيلي سيعيد الوضع المائي في قطاع غزة إلى الوضع الكارثي السابق، والذي كان يهدد باستحالة استمرار الحياة في القطاع، وسيدمر جميع الجهود الكبيرة والمضنية التي بذلتها الحكومة الفلسطينية مع الشركاء والداعمين الدوليين خلال السنوات الماضية ما بعد عدوان العام 2014 على غزة، والتي سعت لتغيير هذا الوضع الكارثي وتحسين خدمات المياه كحق انساني لأبناء شعبنا في غزة.
وأوضح البيان أن هذه الجهود التي بذلت في السنوات الماضية أثمرت عن جملة من المشاريع والبرامج الاستراتيجية التي ركزت على تطوير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي بما تشمله من خطوط وشبكات وخزانات في غالبية محافظات القطاع، وتشغيل محطات التحلية الثلاث محدودة الحجم، ومحطات المعالجة الثلاثة الرئيسية، والتي أفضت إلى تجاوز الكارثة البيئية في غزة، وهو ما تم الاعلان عنه بشكل رسمي الشهر الماضي لأهلنا في القطاع من قبل رئيس سلطة المياه في جولته الأخيرة هناك. والذي أوضح كيف أن هذة المشاريع والبرامج أدت إلى توقف تدفق المياه العادمة التي كانت تلوث بحر ووادي غزة، وتجاوز انهيار الخزان الجوفي، وأدت إلى تنظيف البحر بشكل كبير لمسه السكان، كما أدت إلى إعادة وادي غزة لوضعه كمحمية طبيعية.
وشدد البيان إلى أنّ تدمير العدوان الاسرائيلي لهذه البنية التحتية وأنظمة المياه والصرف الصحي التي تم تطويرها خلال السنوات الماضية، سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الصعب في غزة، وخصوصا من حيث القدرة على توفير المياه للمواطنين، وسيكون له انعكاسات طويلة المدى على جميع مناحي الحياة الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وسيتطلب جهود مضاعفة وكبيرة قد تمتد لسنوات واستثمارات ضخمة لإصلاحها واعادة تشغيلها. وأن توقف عمل محطات التحلية والمعالجة جراء استمرار القصف الإسرائيلي وانقطاع التيار الكهربائي، يُنذر بحدوث مكرهة صحية خطيرة جراء سيول المياه العادمة، وستؤدي في حال تفاقمها إلى انتشار الأوبئة والأمراض بين المواطنين، إضافة إلى اعادة تلويث الخزان الجوفي.
وطالب رئيس سلطة المياه م. مازن غنيم في البيان المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ مواقف حازمة وخطوات عملية للضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على أهلنا في غزة، ووقف استهداف وتدمير المرافق الحيوية والبنية التحتية، مشددا على أنه يجب أن يكون هناك دورا كبيرا لجميع شركاء الحكومة الفلسطينية الدوليين والذين كان لهم دورا فاعلا في مواجهة التحديات الكبيرة التي رافقت إنشاء وتمويل هذه المرافق على مدى السنين الماضية، والتي بلغ حجم الاستثمار فيها ما يقارب المليار دولار، وتم افتتاح واستكمال غالبيتها خلال العام الجاري، إدراكا لمدى أهمية هذه المرافق لاستمرار حياة أهلنا في قطاع غزة.