بركسل – اكد رئيس سلطة المياه على المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بالمياه في ظل السيطرة الاسرائيلية وحرمان الفلسطينين من مصادر المياه، جاء ذلك في كلمته التي القاها امام البرلمان الاوروبي اليوم تحت عنوان الحياة في فلسطين المياه والطاقة والتي اوضح فيها ان دولة فلسطين نقع في منطقة تعاني من أزمات كثيرة، وتداعيات لقضايا سياسية خارجية واقليمية باتت مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي بأسره، إلاّ أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يشكل أكبر أزماتنا وأخطرها حيث أنه يحرمنا من كافة حقوقنا الإنسانية، ويعرقل كافة المساعي الرامية إلى تمكيننا من تأمين متطلبات الحياة الأساسية لشعبنا من خلال إحكام سيطرته على أكثر من 85% من الموارد المائية، وهو ما يعتبر التضييق الأصعب أمام استمرار حياتنا ومستقبلها، وما يزيد الأمر تعقيداً اليوم يكمن فيما يعانيه الوطن العربي من شُحٍّ مائي وصل إلى حد الخطر مع تزايد الكثافة السكانية وعمليات التنمية المتواصلة، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن أهمية الأمن المائي الذي يستند كمفهوم مطلق على أساس تحقيق الكفاية في تلبية الإحتياجات المائية كماً ونوعاً، مع ضمان استمرار هذه الكفاية بما يضمن توفير المتطلبات المعيشية والإقتصادية، والعالم اليوم يسعى إلى تحقيق هذا المفهوم من خلال تطوير مصادر المياه وحمايتها، وتطوير مصادر بديلة وفق مبادئ الإدارة المتكاملة، لضمان تحقيق الهدف الأساسي وهو تأمين مصادر مائية مستدامة قادرة على تحقيق احتياجات الشعوب الأساسية والتنموية.
واوضح م. غنيم إأن تحقيق الأمن المائي بهذا المفهوم في فلسطين يواجه تحديات صعبىة تتطلب تكاثف الجهود المحلية والدولية للتغلب عليها، وتتلخص هذه التحديات في ثلاث قضايا جوهرية وهي التحدي السياسي وحشد التأييد الدولي لعدالة قضيتنا المائية، والتحدّي المؤسسي، واخيرا:التحدي المادي وتوفير الدعم الفني والمادي لتطوير مستقبل قطاع المياه الفلسطيني.
فَعلى الصعيد السياسي يواجه تحقيق الأمن المائي الفلسطيني تحديات كبيرة نتجت في مجملها عن الإحتلال الإسرائيلي وأطماعه وسيطرته على مختلف مكونات الحياة والأرض. فحتى يومنا هذا مازالت قضية المياه الفلسطينية عالقة باعتبارها إحدى قضايا الصراع الرئيسية الخمسة المدرجة على جدول أعمال المفاوضات النهائية للحل الدائم، ولا تزال إجراءات الاتفاقية المرحلية مستمرة والتي وضعت لتنظيم العلاقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني خلال الفترة الانتقالية التي كان من المفترض ألا تتجاوز خمسة أعوام تنتهي في العام 1999، وإلى اليوم البند 40 المتعلق في المياه والصرف الصحي يتحكم بالقطاع المائي الفلسطيني وبالتالي بمختلف ارتباطاته الحياتية من صحة وبيئة وزراعة واقتصاد.
واضاف المهندس غنيم ان لجنة المياه المشتركة (الفلسطينية – الإسرائيلية) تشكل أحد أهم العقبات التي تقف في وجه قدرتنا على تطوير قطاع المياه بفلسطين، بسبب تعطل أعمالها نتيجة لربط الموافقة على المشاريع المقدمة من الجانب الفلسطيني بالموافقة على مشاريع تخص المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية في محاولة من إسرائيل لشرعنتها، الأمر الذي يعتبر مرفوضاً جُملةً وتفصيلاً، كما أن تعطل أعمال هذه اللجنة يؤثر ويعطل فقط المشاريع الفلسطينية ويزيد من معاناة شعبنا بسبب عدم وصول خدمات المياه والصرف الصحي إلى كافة المناطق بينما الجانب الاسرائيلي كسلطة احتلال وأمرٌ واقع يقوم بتنفيذ ما يريد من مشاريع، وهو ما يتعارض مع اتفاقية جنيف لعام 1948.
مؤكدا على أن هذا الواقع السياسي أدى إلى عدم سيطرتنا على مصادرنا المائية وحرماننا من استغلالها، أو حتّى من الوصولِ إليها، إذ يسيطر الاحتلال الاسرائيلي على أكثر من 85% من هذه المصادر، إضافةً الى عرقلته كافة الجهود الهادفة الى إعادة تأهيل الُبنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصِحيّ وكافة المشاريع المتعلقة بهما وخصوصاً في المناطق المصنفة (ج) والتي تشكل ما نسبته 64% من الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي فرض على الفلسطينيين حصاراً مائياً أدى الى الحد من قدرة الحكومة الفلسطينية على توفير الحد الأدنى من حصة الفرد من المياه يومياً والبالغ 120 لتر وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية، حيث تصل حصة الفرد الفلسطيني اليومية في الضفة الغربية 79 لتر وإذا أخذ بعين الاعتبار التفاوت الكبير بين معدلات التزويد، مع إحتساب معدلات الفاقد من المياه في الخطوط الناقلة والشبكات فإن هذه الحصة لا تتجاوز 50 لتر في اليوم، أي أقلّ من نصف الحد الأدنى الموصى به، وفي قطاع غزة فإن حصة المواطن الفلسطيني من المياه الصالحة للشرب لا تتجاوز 15 لتر في اليوم، في الوقت الذي يصل فيه نصيب المستوطن الإسرائيلي الى سبعة أضعاف حصة المواطن الفلسطيني.
وبين الوزير انه وامامَ ما تُشير له الإحصائيات إلى أن حاجةَ الفلسطينيين لمياه الشرب فقط حتى العام 2026 ستصل إلى 260 مليون متر مكعب، وإذا بقي الحال على ما هو عليه اليوم فلَن نكونَ قادرين على تلبيةِ أكثر من50% من هذا الاحتياج، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي تكثيف الجهود على كافّةِ الصُّعد لرفعِ الحصارِ المائي المفروض علينا، حتى لا يكون مستقبل أجيالنا مرهوناً بخطر الفقر المائي المُتفاقم. وأمامَ هذه الحقيقة فإن الأرقام الأولية لواقع المياه في غزة تُبرز بما لا يمكن إغفالُه حجمَ المشكلة، وتُوضّحُ أنه لا بُدَّ من التَّحركِ السريعِ تِجاهَ قضيّةِ المياه، حتى لا نَقِفَ أمامَ كارثةٍ إنسانيةٍ جديدة تُهدد إمكانيةَ استمرارَ الحياةِ في القطاع، حيث أن 98% من إمدادات القطاع من المياه الجوفية تواجه استخراجاً مُفرطاً يصل إلى 200 مليون م3 وهو ما يتجاوز كمية التغذية السنوية للخزان بأربعة أضعاف نتيجة النُّمو السكاني وازدياد الطلب على المياه، الأمر الذي أدّى إلى انخفاضِ منسوب الخزان الجوفي، وبالتالي إزدياد نسبة الملوحة نتيجةَ دخولِ مياهِ البحر والتلوُّث الحاصل من تسرّب مياه الصّرف الصّحي.
وعليــــه، أصبحت %97 من مصادر المياه في غزة غير صالحة للإستخدام الآدمي وفق معايير منظمة الصحة العالمية مما يعرض حياة أهلنا في القطاع إلى مخاطر صحية وبيئية، وإذا استمرت معدلات الاستخراج الحالية من الخزان الجوفي دون إيجاد حلول، فإنه سيصبح غير قابل للاستخدام قريباً وستُصبح إعادته مستحيلة بحلول عام 2020، العام الذي بحلوله وبحسب التقارير الدّولية سيُصبحُ قطاع غزة مَنطقةً غيرَ قابلةٍ للحياة في حال استمرار الوضع الرّاهن بالإضافة إلى ما سبق، وُجدت معاناة جديدة على إثر العدوان الاسرائيلي المتكرر على قطاع غزة في الأعوام 2009، 2012 و2014، والذي نجم عنه تدمير كبير للبنية التحتية ولكافة المنشآت والمرافق الحيوية من طرق ومباني وشبكات كهرباء ومحطات توليد بشكل عام وما طال مرافق المياه من تدمير بشكل خاص من تدمير آبار ومحطات ضخ وتحلية وشبكات وخزانات مياه، بالاضافة الى كل ما يتعلق بالصرف الصحي، وكذلك تعطيل تنفيذ المشاريع الرئيسية حيث فاقت الخسائر المباشرة فقط في عدوان العام 2014 ما يقارب 34 مليون دولار في قطاع المياه.
وشدد م. غنيم انه بهذه المناسبة فإننا ندعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لتحييد منشأت المياه والصرف الصحي والخدمات الأساسية من الاستهداف المباشر وغير المباشر وقت الصراع حيث أن الشعب الفلسطيني عانى كثيراً من ذلك ولا يزال جرّاء الاستهداف الاسرائيلي المباشر لها من خلال الاعتداءات المتكررة. إن الوضع المائي في غزة وإذا ما أُخذ بعين الإعتبار أن المياه ضرورة ومتطلب أساسي لمختلف مناحي الحياة من صحة وبيئة وزراعة وطاقة وغيرها، وبالتالي فإن إنعدامها يعني إنعدام للحياة فيها، مما سيؤدي إلى أن يجد المجتمع المجتمع الدولي نفسه - وتحديداً دول الإتحاد الاوروبي التي عانت جراء أزمة اللاجئين في السنوات الماضية - أمام مشاهد جديد مؤلمة للهجرة القسرية واللجوء، والتي وصلت اليوم مع التداعيات السياسة في المنطقة إلى حدود غير قابلة للإحتواء والحلّ.
فإننا اليوم ندقّ ناقوس الخطر ونؤكد أنّ خَيارَ مشروع تحلية مياه البحر يُعتبر خياراً استراتيجيّاً ومُستدام لحلّ أزمة المياه في غزة، والذي نسعى لتنفيذه على نطاق واسع، ونعمل على تذليل العقبات التي تواجهه، وأهمها توفير التمويل اللازم الطاقة، حيث أن محطة التحلية المركزية المقترحة ستنتج 55 مليون متر مكعب سنوياً كمرحلة أولى، تحتاج نحو نصف مليار يورو باحتساب المشاريع المكملة لها، ورغم وجود التزاماتٌ عربيةٌ ودوليةٌ لدعمِ المشروع إلا أنه ما يزال يواجه عجزاً في التمويل، الأمر الذي نعمل مع كافة الشركاء على توفيره بما يُسهم في تسريع خطط التنفيذ وفق الجداول الزمنية المتوقعة.
وواستكمل رئيس سلطة المياه بما أن الاجتماع اليوم يُركّز على متطلبات الشعب الفلسطيني من الطاقة إضافةً للمياه، وخصوصاً في قطاع غزة التي باتت مشكلة الكهرباء فيها جزءٌ رئيسي من المعاناة الإنسانية والمعيشية اليومية لأهلنا هناك، فلا بُدَّ أن نُشير بأن العجز الحادّ في تزويدِ الكهرباء حالياً في قطاع غزة، يُشكِّلُ التحدِّي الأكبر أيضاً لتشغيلِ مرافقِ المياهِ والصّرف الصّحي، ويُهدّد إمكانية إنجازِ المشاريعِ الرّئيسية للتّحلية ومُعالجةِ المياهِ العادمة، علماً أن الاحتياجات الحالية للطاقة اللازمة لتشغيل هذه المرافق تقدر بنحو 29 ميجاوات، سترتفع بحلول عام 2020 إلى 81.5 ميجاواط، مشيرا الى انه ولنكون قادرين على المُضي قدماً في مشروع محطة التحلية المركزية، فلا بُد من توفير ما يقدر بنحو 25 ميغاواط، الأمرُ الذي دفَعنا إلى البحث عن بدائل أخرى منها استخدام المُولّدات الكهربائية، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتي نَعملُ عليها بالتشاور مع كافةِ الشركاءِ وسُلطة الطاقة الفلسطينية بشكلٍ خاص من أجل تحقيق الغايات المرجُوّة. وكخطوةٍ أولى تم تخصيص مئة دونم لإنتاج الطاقة الشمسية وهو ما يُمثّل جُزءاً من احتياجات المحطة من الكهرباء.
ولحينِ إنجاز هذا المشروع، جاري حالياً العمل على إنشاء ثلاث محطات تحلية محدودة الكمية لغرض سد جزء بسيط من نقص المياه الصالحة للشرب لسكان القطاع، والعمل على معالجة التلوث الحاصل من خلال انشاء ثلاثة محطات تنقية لمعالجة المياه العادمة واعادة استخدامها للزراعة، الى جانب العمل على إنشاء ثلاث برك تجميع لمياه الامطار لاعادة ترشيحها للخزان إن البحر الميت يُشكل ارثاً تاريخياً وحضارياً وذات بُعد استراتيجي للدُّول الثلاث المشاطئة، الأمر الذي يُؤكّد على ضرورة وقوف هذه الدول عند مسؤولياتها وواجباتها القانونية والتاريخية من خلال مُواصلة الجهود الرّامية لتحقيق اهداف مشروع قناة البحرين وبما يضمن حق الوصول له والاستفادة من كافة ثرواته الطبيعية بشكلٍ منصفٍ وعادل.
مؤكدا اننا على استعدادنا لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة للمضي قُدماً في هذا المشروع، وذلك في مؤتمر المعلومات الفنية للمانحين" المنعقد في مدينة العقبة في المملكة الأردنية الهاشمية في الحادي عشر من الشهر الجاري"، والخاص بتنفيذ المرحلة الاولى من مشروع التعاون الاقليمي لقناة البحرين (البحر الاحمر –البحر الميت)، وذلك استناداً الى مذكرة التفاهم المُوقعة في واشنطن بتاريخ 9 كانون الأول 2013 بين الأطراف الثلاثة المستفيدة (فلسطين والاردن واسرائيل)، والتي نصّت على إبرام اتفاقيتين، الأولى (أردنية- اسرائيلية) بخصوص محطة التحلية المقترح إقامتها في العقبة بطاقة انتاجية تقدر بحوالي 80 مليون متر مكعب سنوياً وبما يشمل كافة الجوانب الفنية المتعلقة، والثانية (فلسطينية- اسرائيلية) والتي تشمل كافة القضايا المتعلقة بتزويد الجانب الفلسطيني بحصته من 20-30 مليون متر مكعب سنوياً من خلال نظام التحلية الاسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط، موضحا إن المرحلة الأولى من هذا المشروع جاءت بناءً على المُخرجات التي توصلت اليها الدراسات الفنية للفكرة الرئيسية للمشروع والمتمثلة في نقل كميات من مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت، بهدف حماية البحر الميت من الإنحسار والتدهور البيئي الحاصل به، بالإضافة الى توليد الطاقة من خلال الاستفادة من فرق المنسوب بين البحرين، وتوفير مياه للشرب بسعر مقبول للاطراف الثلاث (تقدر بحوالي 850 مليون متر مكعب سنوياً) الى جانب خلق نموذج للسلام والتعاون في الشرق الأوسط.
علماً بأن الجانب الفلسطيني قام بوضع الإطار العام للوصول الى الاتفاقية الفلسطينية الاسرائيلية تنفيذاً لما وَرد في مذكرة التفاهم وذلك في آب 2015، كما تم إعداد قائمة مفصلة بمشاريع البنية التحتية المطلوبة للتّمكن من استلام الحصة الفلسطينية من المشروع والتي تم تقدير تكلفتها بحوالي 80 مليون دولار، كما قمنا أيضاً بتشكيل اللجنة الفنية الفلسطينية والتي ستبدأ اجتماعاتها قريباً مع نظيرتها الاسرائيلية لوضع الترتيبات اللازمة للوصول الى الاتفاقية المذكورة بما يشمل الكمية، النوعية، الأسعار، متطلبات البنية التحتية، ونقاط التزود، وغيرها من الأمور ذات العلاقة.
وفي هذا السياق، فاننا نُؤكّد على أهمية نجاح هذه المرحلة من المشروع لضمان استكمال مراحله اللاحقة والتي لن تتحقق دون الالتزام بتنفيذ كافة البنود الواردة في مذكرة التفاهم 2013 وتجنب أية عقبات أو اجراءات قد تُعيق أو تُؤخر تنفيذ هذه المرحلة، وفي هذا الإطار فإن الجانب الاسرائيلي مُطالب باتّخاذ كافة الاجراءات اللازمة وبشكلٍ عاجل للانتهاء من الاتفاقية مع الجانب الفلسطيني ضمن إطار ومفاهيم التعاون الاقليمي، ونحن إذ نتطلع اليوم إلى البدء بالخطوات الحقيقية على الأرض لتنفيذ هذا المشروع فما زلنا نتطلع إلى المزيد من دعمكم الفني والمادي لنتمكن من إنجازه في الوقت المحدد.
واما فيما يتعلق بالحقوق التاريخية لفلسطين في مياه نهر الأردن، فقد اوضح الوزير غنيم ان حصة فلسطين من مياه النهر والتي تصل إلى حوالي 250 م³سنوياً حسب خطة جونستن، فتبقى غير متاحة وتبقى أسيرةً لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي عليها بالكامل، ولا بُدّ من الإشارةِ إلى أن الكميات التي يمكن أن تكون متاحة من ينابيع البحر الميت، وخصوصاً ينابيع الفشخة والتي تتراوح معدلات تدفقها السنوية ما بين 80 - 100 مليون م³ في حالة استغلالها على وضعها الحالي وحتى يُصار إلى استخدامها مستقبلاً في تطوير مصادر المياه.
وقد واجه تحقيق الأمن المائي تحديات تمثلت في الواقع المؤسسي لقطاع المياه في فلسطين، حيث امتد تأثير الاحتلال الإسرائيلي في منع تطوير قطاع المياه خلال السنوات الـــ20 الماضية، ويتمثل الوضع القائم لمزوّدي الخدمات في فلسطين في وجود أكثر من 300 مؤسسة تعمل على تزويد خدمات المياه للمواطنين تواجه الغالبية العظمى منها إشكاليات كبيرة ناتجة عن عدم امتلاك القدرات المؤسسية اللازمة، وعدم كفاءة البنية التحتية اللازمة بما يضمن إيصال الخدمة لكافة المواطنين، وعدم القدرة على الجباية في مناطق (ب،ج) بسبب عدم السيطرة الأمنية، إلى جانب المشكلة الرئيسية المتمثلة في نقص المياه.
وتطرق م. غنيم في كلمته الى احتياجات قطاع المياه خلال العشرين سنة القادمة مشيرا الى انه في ظلِّ احتلالٍ يُقيِّدُ الحركةَ والحُرّيات ويَسلُبُ الحُقوقَ ويَضَعُ العراقيلَ أمامَ كافة الجهود المبذولة لتنفيذِ مشاريع تنموية، ويحد من التطور الإقتصادي الفلسطيني، فإن برامج تطوير خدمات المياهِ والصّرفِ الصِّحي تواجه تحديات مالية أيضاً، وبحسب الخطة الإستراتيجية التي وضعتها سلطة المياه لتنمية قطاع المياه وموازنة التمويل المنبثقة عنها، والتي ستعمل على تطوير القطاع بجميع مكوناته لتخدم الهدف الأساسي وهو تحقيق الأمن المائي، هناك حاجة الى 6.8 مليار دولار خلال العشرين سنة القادمة.
كما اشار الى إن الإدارة المستدامة لموارد المياه لا تقدم حلولاً سهلة لذلك فقد اعتمدنا في استراتيجيتناعلى تطوير مصادر المياه غير التقليدية وايجاد البدائل لمواجهة التحديات على المستويات (القصير والمتوسط والطويل) من خلال مشروع البحر الميت - البحر الأحمر، معالجة وإعادة استخدام المياه العادمة،تعظيم استغلال مياه الينابيع، تجميع مياه الأمطار لإعادة استخدامها، مشاريع تقليل الفاقد من خلال تنفيذ مزيد من مشاريع البنية التحتية المائية هذا الى جانب اننا سنعمل مع الجهات والخبراء لاعداد دراسات شاملة ومُعمّقة حول الحلول المائية المستقبلية في الضفة الغربية وقطاع غزة بهدف تحسين معدلات التزود بكافة التجمعات الفلسطينية للاستخدمات المنزلية، كما نعمل على بناء وتحسين الإطار المؤسسي لقطاع المياه والأداء وقد بدأ هذا بالفعل من خلال عملية الإصلاح التي تقودها سلطة المياه كما ذُكر في وقت سابق لإدارة الوضع المائي المُعقد وضمان جودة الخدمات.
ومن هنا فاننا نُكرر مطالبنا للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا والتي لن تتحقق دون قيام دولة فلسطينية مستقلة فديمومتها مرتبطة بتحقيق الأمن القومي الفلسطيني والذي يشكل الأمن المائي فيه رُكناً أساسياً لا يمكن تجاهله، الأمر الذي يستدعي تطبيق القانون الدولي الإنساني في فلسطين وكافة الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان ولا سيّما تلك المتعلقة بإدارة مصادر المياه المشتركة، وتفعيل العمل والتعاون وفقاً لمبادئ التوزيع العادل لمصادر المياه بين الشركاء الدوليين، وتطبيق معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بالمجاري المائية العابرة للحدود 1997 UNWC، وتوقيع معاهدة الاستخدامات غير الملاحية للمياه العابرة للحدود لضمان حماية واسترداد حقوقنا المائية. ولتحقيق العدالة وتحسين الظروف المعيشية لأبناء شعبنا لتعُم منطقتنا بالسلام والأمن والاستقرار بعيداً عن سياسة الحقد والكراهية.
واختتم م. غنيم حديثه بالتاكيد على ان العالم عانى ومازال يُعاني من الحروب فلا تَدَعوا الماء يُصبح عاملاً آخراً مُفجراً للصراعات، دَعونا نعمل جميعاً من أجل أن نجعل من المياه رمزاً للسلام والأمان والمحبة لخدمة كافة أبناء شعوب العالم.